بقلم وفاء الخوالدة
لمتابعة الكاتبة على صفحات التواصل :
الحياة أخلاق :
يتساءل الشاب دائمًا عن الصفة التي يبحث عنها في شريكة ما ، ويتساءل المدير عن الصفة التي لا يتخلى عنها في موظيفه
ويتساءل الأب عن الصفة التي ينتظرها في زوج ابنته وشريك حياتها ، فيُجيب جميعهم بكلمة واحدة هي الأخلاق.
لا يُمكن لعلاقة سويّة سليمة أن تُبنى بغير الخُلق ، فلا معنى للوجود الإنساني ولا يوجد ما يُميزه عن غيره من الكائنات الحية سوى جانبه الأخلاقي ،
فكل حياة وعلاقة تخلو من الاحترام والصدق والذوق في التعامل ، علاقة باهتة رتيبة تتسمُ بالغلظة ومآلها إلى النفور والانهيار.
فالأخلاق وحدها ما يعطي الحياة معنًى روحيًا ساميًا، فقال أحمد شوقي ذات يوم:
“إنما الأُممُ الأخلاقُ ما بقيتْ.. فإن هم ذهبتْ أخلاقهُم ذهبوا”
الخلق المجتمعي :
فالخُلق يبدأ بكونه فعل فردي نٌنحي فيه مصالحنا الخاصّة جانبًا من أجل الآخرين ،
فردًا فردًا حتى تتسم كل الأمة لحظتها بالخُلق المجتمعي، فتحقق العدالة وتُهذب النفوس ونتجنب الوقوع في التناقضات السلوكية مما يُحقق للمجتمع كلّه الخير الأسمى.
وأثار موضوع الأخلاق كثير من الفلاسفة للبحث فيه والتحدث والكتابة عنه،
فيؤمن بعض الفلاسفة أنّ القيم الأخلاقية تأتي في محاولة لخلق نظام مجتمعي متكامل ،
فهي لا تعتبر مجرد سلوكيات يتبعها الأفراد إنما هي أكبر عامل يساعد على التقليل من النزاع بين أفراد المجتمع الواحد.
وتعزز روح التعاون بينهم مما يساهم في بناءِ دولةٍ متطورة في جميع مجالاتها السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية ،
فتهذيب نفوس الأفراد وتعاملاتهم يخلق أركان ثابتة في المجتمع ويقوي الروابط فيما بينهم، وبعكس ذلك يحدث العكس.
إلى ماذا يؤدي غياب الأخلاق ؟
فغياب الأخلاق عن المجتمع يؤثر سلبًا في الأفراد بدايةً ثم ينعكس تباعًا على المجتمع، فيؤثر في الأفراد بدايةً بانتشار القلق والنزاعات في ما بينهم ،
فيخلق بذلك بيئةً مليئة بالفوضى.
وينعدم التزامهم بالقوانين فيغيب شعور الأمن والأمان ،
ويعم الرعب فتبدأ العلاقات بين الأفراد تمتلئ بالخوف على مصالحهم وتنامي شعور الأنانية في داخلهم مع سعيهم إلى العنف كما لو كان الأمر حربًا للبقاء.
يُصبح المجتمع بأنانية أفراده لُقمة سهلة في عيون أعدائه فيسعون إلى دماره لما يرونه من ضعف روابط أفراده وقلة ترابطهم.
والإنسان في طبعه يميل منذ القدم نحو الفردانية والأنانية والتفكر في الذات لكن الأخلاق تجمعه بغيره وتصقلُ شخصيته ،
فبدأ الأمر في خُلق الإيثار ويبرز دون شك في علاقاتنا الأسرية وهذا خلق الأم والأب الدائم.
ثم نرى خلق التعاون بين أفراد العائلة وبين الأخوة في جميع مناحي حياتهم،
ثم نرى خُلق الإخلاص في تعليم معلمينا لنا في المدارس وخُلق الاستئذان في قضاء حوائجنا هنا وهناك واحترام زملائنا في الجامعة وحفظ حدود حريات غيرنا فلا نعتدي عليها،
فإذا ما التزم كل شخص من مكانه بخُلقه ساد مبدأ التضامن الإنساني وتجتمع بذلك الشعوب على قلب فردٍ واحد.
فيقول أرسطو في كتابه (الأخلاق): “أن يغضب أي إنسان فهذا أمرٌ سهل،
لكن أن تغضب من الشخص المناسب وفي الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب ، فليس هذا بالأمر السهل”.
فكل العلاقات تظهر ذروة أخلاقها في النزاعات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”.
فليست قوة الإنسان بعضلاته وعلو صوته وإنما الشديد حقيقةً من يملك نفسه عند غضبه فتظهر حكمته ورشده وصبره.
والآن هل الفقر فقر المال حقًا؟
ويجيب ذلك قول الشاعر:
“من عـاش صفرًا من الأخلاق والأدب.. يحيا فقيرًا ولو يمشي على الذهـب
ما قـيمة الـمـرء إلا طيب جـوهره.. لا ما حـواه من الأمـوال والحسـب”
