بقلم أ. وفاء الخوالدة
لمتابعة الكاتبة على مواقع التواصل :
“أنا عِندَ ظنِّ عبدي بي فلْيظنَّ بي ما شاءَ ” حديث قدسي
حُسن ظن العبد بالله من حُسن العبادة ومن ثقته بالله، وهي هبة يكتبها الله لمن أحب من عباده، وينبغي للمؤمن من حُسن إيمانه وكماله أن يكون حُسن ظنّه بالله في كل حال وموطن ومآل فلا يرهن حُسن ظنّه بسرور حاله وصفائه، بل يرضى بكل حال ويُدرك أن حُسن الظن يكون في الضراء قبل السراء، فمن حُسن ظنه بالله أن يوقن أن كل ما يكتب الله له خير، كله خير، وأن العزيز في قدره حكمة وفي غيبه لُطف، فيُحسن الظن بربه ومتى ما أحسن الظن أكرمه الكريم بكلّ الخير والنِعَم، وإذا ضاق عيشُ إمرئٍ، توكل على الله وأنزل حاجته بالله فلا ملجأ ولا منجأ إلا به وإليه.
قل للذي ملأ التشــاؤم قلــبه .. ومضى يضيق حولنا الآفاقا
سر السعادة حسن ظنك بالذي .. خلق الحياة وقسم الأرزاقا
“عن أبي مسعود – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل”.(الترمذي) ومن شرح الحديث “وهذا كلُّه مِن التَّربيةِ النَّبويَّةِ للمُسلِمينَ على حُسْنِ التَّوكُّلِ على اللهِ وسُؤالِه والطَّلبِ منه، وعدَمِ الرُّكونِ إلى النَّاسِ”.
وإنزالها بالله أن توقن وتظن بيقين أن الله تعالى سيُفرج عنك ويزيلها، والله عند ظن العبد به.
طرح الكاتب مايكل جيه شبيه هذه الفكرة في الغرب في كتابٍ يتحدث عن قانون الجذب، وبين مؤيد ومعارض لهذا القانون تتلخص فكرة القانون في أنك تجذب إلى حياتك كل ما تنتبه له وتظنه بفكر إيجابي أو سلبي وأن ما تتوصل إليه في النهاية هو نتاج تفكيرك من الماضي وأن أفكارك الحالية هي أيضًا التي ستصنع مستقبلك، ويفسر القانون أن قوة أفكار المرء لها خاصية جذب كبيرة جدًا، فكلما فكرت في أشياء أو مواقف سلبية اجتذبتها إليك وكلما فكرت أو حلمت أو تمنيت وتخيلت كل شيئ جميل وجيد ورائع تريد أن تصبح عليه أو تقتنيه في حياتك فإن قوة هذه الأفكار الصادرة من العقل البشري تجتذب إليها كل ما يتمناه المرء.
ويظن كثيرون من قراء الكتاب أنه محض خدعة وهناك واقع يفصل بين هذا القانون وبين الحقائق.
للمزيد من المقالات من هنا
ومع عمل كثير من الكُتّاب والفنانين والمخرجين وغيرهم الكثير بهذا القانون في الغرب، إلا أن المسلمين عرفوا منذ آلاف السنين ما يُقاربه لكن بلا خداع ولا تضليل وهو حُسن الظن بالله.
يقول الشاعر محمود سامي البارودي:
جُدْ بِالنَّوَالِ فَرِزْقُ اللَّهِ مُتَّصِلٌ
وَلا تَكُنْ عَنْ صَنِيعِ الْخَيْرِ بِاللاهِي
فَالْبُخْلُ وَالْجُبْنُ فِي الإِنْسَانِ مَنْقَصَةٌ
لَمْ يَجْنِهَا غَيْرُ سُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ
فرزق الله وكرمه تكن لكل عبد ظن بربه خير، وأيقن أن أمره له كلّه خير، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ ” رواه الترمذي.
فلا تدعو بخوف ولا بشك ولا بقلة حيلة، بل ادعو بكل الرضا والتسليم والقناعة وإذا ما دعوت فعظّم الرغبة فيما عنده وأحسن الظن به.
وإنِّي لأدعو الله حتى كـــأنَّني
أرى بجميل الظنِّ ما الله فاعلُهْأمُـــدُّ يــدي في غير يــــأسٍ لــعــلَّه
يجود على عاصٍ كمثلي يواصلُهْوأقــرع أبـــواب السمـــاوات راجـيـــاً
عطاء كريمٍ قطُّ ما خاب سائلُهْ
- ابن وهيب.