بقلم أ. وفاء الخوالدة
لمتابعة الكاتبة على مواقع التواصل الاجتماعي :
ريحانة،
قد تكونين يومًا وقد لا تكونين، لكن الكتابة لك لا بد أن تكون.
بُنيتي في هذه الحياة طُرق ومسارات مما لا يُعد ولا يحصى؛ طُرق ستضيقُ على قلبك حتى تنظرين إليه يتفطّر من ضيقه،
وطُرق أخرى ينشرحُ فيها صدرُك فما تظنين أن سبقَ وضاقتْ بك الدنيا لحظة!
هذا حالنا نحن بنو البشر، نرى الضيق سنينًا فإذا ما جاءت لحظة سعادة – لحظة واحدة- تجبُ ما قبلها.
أعلم أنني سأكون معك في لحظات وساعات وأيام كثيرة، لكنني سأكون بعيدة عنك في ضعفها أيضًا، لهذه اللحظات التي ستكونين بعيدة عن عيني،
أكتبُ لكِ..
لكلّ لحظة تضيقُ بك الدنيا بقرارٍ ما، أو موقفٍ ما أو أيًا ما كان سيشغل العقل والقلب منك،
اسألي اللَّه، لا القلب ولا العقل يحكم بمواقفك كما اللَّه خالقهُما وخالقنا أجمعين.
تصغين لصديقات المدرسة وللجامعة ولكل الرفقة من حولك،
فتعتذرُ الواحدة منهن عن شيء ما بقولها:” أهلي بزعلوا، أخوي بذبحني، الناس شو رح تحكي عنا، عيب، المجتمع بلغينا..”
ولن تجدي إحداهن تقول:” إني أخاف اللَّه رب العالمين” كوني أنتِ من لا تهتم لما سيقوله مجتمع ولا خوفًا منّا نحنُ الأهل،
اخشي الله قبل أي أحدٍ آخر.
وقفة أخرى
عندما تغادرين المنزل للمدرسة فالجامعة فالعمل وأيًا كان طريقُك، ستُقابلك وحوش الطريق؛ وحوش من همومٍ وحسّاد وأعداء
ولن أكون شاهدة على كلّ هذا، لكن اجعلي اللَّه يكون الشاهد، القريب والصاحب في الإقامة والرحل، دعيه يُصغي لمُناجاتك وشكواك،
ودموعك لا تجعليها تنهمرُ إلا في لقائك به دُبر كلّ صلاة، وسيُخاطبك بكتابه؛ خذي كتابه بيدك،
هذا القرآن الطاهر الذي قال اللَّه عنه: «هو خيرٌ مما يجمعون» وقال تعالى: «ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين »
وفي أي سورة تقرأين ستجدين رسائل لكِ يواسيك ويسليك بها، فيجعله ربيعًا لقلبك ونورًا لصدرك وجلاءً لحُزنك وذهابًا لهمك وغمك،
واكثري من قول دعاء: “اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء همي وذهاب حزني وارزقني تلاوته بالوجه الذي يرضيك عني”
بُنيتي، اجعلي أمرك كلّه بيد الله، خالق السموات والأرض، والسراء والضراء، بيده الخير والشر،
توجهي إليه ولو كان كلّ الناس في واد وأنت في واد، لا تجعلي قلبك ينزلق في الدنيا الزائلة، وتنسي ما خُلقت لأجله،
فكل حال بلا رضا الله ونوره ضلال، نوره يقين وحُسن الظن به حبلٌ متين تمسكي بحبل الله يكن لك أمانًا وملاذًا وسكينة تعبرين بها الأيام الثقال،
كيف لا وقال جل جلاله في كتابه الكريم: «فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين».
عزيزتي، هذه حصيلة تجارب لأم لم تلدك بعد، تكتبها لكِ لتأخذي منها حكمة، ستحتاجينها يومًا،
أكتبُ لك ما فهمته أنا بعد طويل السنين، والمرء يا ريحانتي حصاد تجاربه، ولتعلمي أن والدتي فعلت الكثير من أجلي قبل أن أولد وهذا ما أحاول أنا ردّه الآن، أن أفعل الكثير من أجلك.