الاحترام في الإسلام هو عنوان موضوعنا اليوم، وقد وقع اختيارنا على هذا الموضوع لما له من أهمية في الحياة سواء على المستوى الفردي أو الجماعي،
وينبغي أن يتعلم الطفل صور الاحترام وكيفية ممارسته واكتسابه، سنتعرف معًا على كيفية احترام الاخرين في الاسلام واحترام آرائهم ووحقوقهم،
فالاحترام أساس العلاقات، سنستعرض بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية عن هذه الخصلة الحميدة.
الاحترام في الإسلام
يعد احترام الآخرين في الإسلام من الفضائل والقيم الهامة وينبغي على كل مسلم الالتزام بها،
حيث يجب أن يكون هناك تقديرًا وعناية تجاه الآخرين أو الأشياء أو قيمة ما،
ولقد حثنا الإسلام ودعانا إلى الاحترام، فالرسول صلى الله عليه وسلم وما أجمله من نموذج يُحتذى به عندما أرسل لملك الروم رسالة يدعوه للدين الإسلامي بدأ رسالته بقوله “من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم” ما يدل على حرصه على إنزال الآخرين منازلهم واحترامه للغير.
والأولى بنا العناية بهذه القيمة التربوية مع أبنائنا، ففي الآونة الأخيرة بات الاحترام يختفي تدريجيًا من حياة أبنائنا،
نتيجة عدم اهتمام الآباء بتعليم أبنائهم ممارستها وأن تصبح في حياتهم جزءً لا يتجزأ،
لذا كان لزامًا علينا تقديم يد المساعدة لكل أب وأم يرغب في تعليم أطفاله القيم والسلوكيات الصحيحة.
الاحترام في ضوء الكتاب والسنة
عن الاحترام في الإسلام هناك العديد من صور الاحترام والتي أكد الإسلام على أهميتها، من ضمنها احترام المعلم واحترام الأصدقاء واحترام الذات،
واحترام الوالدين والإحسان إليهما وبرهما، يقول -الله عز وجل- «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا». سورة الإسراء
كما أكد الإسلام على ضرورة احترام المسلم لأخيه المسلم
حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: المسلم أخو المسلم، لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه، التقوى ها هنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم.” أخرجه الترمذي
وكذلك عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“المُسلِمُ مَن سَلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده، والمُهاجِرُ مَن هجَرَ ما نهى الله عنه” متفق عليه.
أي لا يَسبهم ولا يَغتابهم ولا يَلعنهم ولا يَسعى في أي نوع من الأذى لهم، وبهذا يكون الاحترام.
وهناك آيات تؤكد على احترام الناس عمومًا كقوله عز وجل «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» [البقرة: 83]، ومنها قوله -سبحانه وتعالى-: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» [النحل: 125]. ومنها قوله تعالى: «وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ». [العنكبوت: 46]
وقوله –عز وجل-: «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ». [فصلت 34-35].
الاحترام يدل على حسن التربية
“الإحترام لا يدل على حب، إنما يدل على حسن التربية. فاحترم حتى لو لم تحب”
الاحترام يدل على حسن التربية، وليس شرطًا دلالته على حب، فيجب أن يكون هناك احترام حتى إن لم يكن هناك حب،
فالاحترام أساس العلاقات، وبما أن الإنسان لديه علاقات اجتماعية مختلفة مع الآخرين،
لذا كان لابد أن تكون هذه العلاقات مبنية على أساس راسخ من الاحترام المتبادل.
ينبغي أن نعلم أولادنا أن الاحترام عامل أساسي لاستمرار العلاقات الاجتماعية،
وفالفرد الذي يحترم غيره يتمتع بالصفات الأخلاقية العالية كالصدق والتسامح وتقبل الآخرين.
الاحترام عند الأطفال
الطفل في حاجة للاحترام كما يحتاج إليه الكبير، بل وأكثر منه،
فالكبير لديه من الوعي ما يكفيه لتقبل بعض الإهانات غير المقصودة من قبل المقربين،
لكن الطفل لا يزال يحتاج لمزيد من الوعي يكتسبه مع الوقت عندما يكبر، لذا الإهانات والأذى النفسي يكون وقعه عليه أكبر،
ولكي يَنشأ الطفل محترَمًا لذاته، ومحترِمًا للآخرين يجب:
- احترام شخصيته وعدم مقارنته بغيره من أقرانه سواء إخوانه أو أخواته أو الأصدقاء.
- تقبل شخصيته بسلبياتها وعدم معايرته بعيوبه أو أخطاؤه، فهو ما زال طفلًا يخطئ ويتعلم من أخطائه.
- احترام عقله وإدراكه لما حوله من أمور على حسب فئته العمرية، وعدم السخرية من أفكاره.
- احترام أحاسيسه ومشاعره والتعامل معها بجدية، وتجنب تجاهل غضبه والسخرية مما يشعر به.
- من المهم احترام أشياؤه الخاصة ملبس ولعب وأدوات والاستئذان عند استخدامها.
- احترام إمكاناته وقدراته وعدم تكليفه بما فوق طاقته.
- احترام شكله وعدم السخرية منه.
ولا ننسى أنه كما ينبغي أن نراعي أطفالنا ونحترمهم
لابد من تعليمهم كيفية احترام غيرهم من أصدقائهم وأقاربهم واي إنسان أخر.
كيف نكسب احترام الآخرين؟
من الضروري أن يتربى أطفالنا على احترامهم لذاتهم ولغيرهم، وعندما يسألك أطفالك: كيف نكسب احترام الآخرين؟ عليك أن تجيب عليهم بما يأتي:
- حافظ على وعودك دائمًا.
- توقف عن الاعتذار باستمرار بقولك “أنا آسف” فإن فعلت ذلك فقد لا تحظى باحترام عالي، توقف عن قولها العديد من المرات خلال الساعة الواحدة.
- احترم وقت الآخرين حتى يحترمونك.
- التوقف عن النميمة حتى لو كان من تتحدث عنه موجود.
- التواضع من الصفات الجيدة التي تُكسبك احترام الآخرين.
- احترام ذاتك لكي يحترمك الآخرون.
- احترم آراء الآخرين وديانتهم.
- وقِّر الكبير وارحم الصغير.
لمتابعة المزيد من سلسة تربية الاطفال
قصص تربوية للاطفال عن الاحترام
دعونا نتشارك بعض القصص التربوية التي تتعلق بفضيلة الاحترام،
حتى يمكنكم استخدامها كإحدى الطرق التي من خلالها يتعلم الطفل ويكتسب القيمة أو الفضيلة.
هناك قصة احترام حق الجار: (وهو من باب احترام الاخرين في الاسلام)
في يوم من الأيام كان هناك طفلين يلعبان بالكرة، وأثناء اندماجهما باللعب قام أحدهما برمي الكرة عاليًا حتى وصلت لشجرة موجودة بمنزل جار لهما،
فقال الطفل الرامي: قم بإحضار سلم لكي نستطيع الوصول للشجرة وإحضار الكرة؛ لكي نعود مرة أخرى للعب.
تعجب الطفل الآخر من صديقه، وقال: لا يمكننا فعل ذلك!
أليس من الأولى استئذان جارنا أولًا؛ لأن هذه الشجرة بمحيط منزله فحق الجار علينا يمنعنا من ذلك،
وعلينا احترام حقوق الآخرين،
رد عليه الطفل الرامي وقال له: معك حق سأذهب إلى جارنا لكي أستئذنه في أن نتسلق السلم لكي نأخذ الكرة.
ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم عند رؤيته لخطأ من أي شخص ويريد توجيهه،
يقول “ما بال أقوام يفعلون كذا” ولا يذكر من الشخص أمام الآخرين،
كما أن كان يخفف في الصلاة عند سماعه بكاء طفل احترامًا لأمه ومراعاة لمشاعرها.
وفي ختام حديثنا عن الاحترام في الإسلام سعينا لكي يكون موضوعنا شامل لكل المعلومات التي يحتاجها كل أب وأم
يرغب في تعليم أطفاله القيم التربوية السليمة والفضائل الحميدة مثل الاحترام، ذكرنا أهميته في حياتنا وحياة الآخرين، كيف نحترم أطفالنا؟
كيف نعلمهم احترام الآخرين واكتساب احترامهم؟
ذكرنا الآيات والأحاديث النبوية التي تحث على فضيلة الاحترام، ونرجو أن نكون قد وفقنا في اختيارنا لهذا الموضوع
سائلين الله -عز وجل- أن يمن علينا وعلى الجميع بالخير واليمن والبركات.
المصادر
- القرآن الكريم
- البخاري ومسلم
- الترمذي